إعداد- نهى السداوي

في عالم الموضة المتغير باستمرار، أصبح الذكاء الاصطناعي قوة محركة رئيسية تعيد تشكيل صناعة الأزياء بطرق مبتكرة وغير مسبوقة. فعلى سبيل المثال، في عرض أزياء فريد من نوعه بباريس، عاصمة الموضة، شهدنا تجربة عرض سماوي حيث حلّقت العارضات في سماء مفتوحة، مستخدمات تقنيات الذكاء الاصطناعي، الطائرات المسيّرة، والتصميم الثلاثي الأبعاد. وليس هذا فحسب، بل كانت هذه التجربة أكثر من مجرد استعراض بصري؛ بل كانت رحلة تفاعلية تربط بين الموضة والتقنية المستقبلية.

وطرحت تساؤلًا عميقًا: هل المستقبل للموضة المحلّقة؟

الذكاء الاصطناعي يعيد صياغة مستقبل الموضة

لم يعد استخدام التقنية في صناعة الموضة مجرد توجه عابر أو تجربة جانبية، بل أصبح جزءًا أساسيًا من الإبداع والإنتاج. فعلى مدار السنوات الأخيرة، اعتمدت دور الأزياء العالمية التقنية كمحرّك رئيسي يعيد تشكيل المشهد من مرحلة التصميم إلى تقديم التجارب الرقمية. وبالتالي، تأسس عصر جديد يجمع بين الفخامة والتقنية.

Dior: ريادة أنيقة في الذكاء الاصطناعي

Dior كانت من أوائل دور الأزياء التي دمجت التقنية بفعالية. على سبيل المثال، استخدمت منصات مثل Dior Astra لتحليل بيانات العملاء، وDior Insider للتفاعل الفوري، إلى جانب تقنيات الواقع المعزز لتقديم تجارب تسوق افتراضية. وبفضل هذا الجمع بين التقنية والفخامة، أصبحت رائدة في إعادة تعريف تجربة الموضة الذكية.

“تقنيات Dior Astra وDior Insider في تقديم تجربة تسوق افتراضية فاخرة باستخدام الواقع المعزز”

H&M والتوائم الرقمية: مستقبل العارضات

ضمن توجهها الرقمي، أعلنت H&M عن إطلاق 30 توأمًا رقميًا لعارضاتها بالتعاون مع وكالات الأزياء. هذه النسخ الافتراضية تمتلك حقوق صورها، ويمكنها العمل مع علامات مختلفة مقابل أجور تضاهي الحملات الواقعية.

“عارضات توائم رقميات لـ H&M تعمل بالتعاون مع وكالات أزياء وتشارك في حملات تسويقية افتراضية”

Guerlain: معرض رقمي… برؤية مستقبلية

احتفلت Guerlain بمرور 170 عامًا على زجاجة “النحلة” الشهيرة من خلال معرض رقمي خيالي أبدعه الذكاء الاصطناعي. المشروع أعاد تصور الزجاجة بين عامي 1853 و2193، ونتج عنه أكثر من 1800 عمل فني رقمي، كُشف عنها في VivaTech باريس، مؤكداً التقاء التراث بالتكنولوجيا.

“معرض رقمي ابتكاره الذكاء الاصطناعي يحتفي بمرور 170 عامًا على زجاجة النحلة الشهيرة من Guerlain”

Valentino: أناقة رجالية بتوقيع

في خطوة جريئة نحو المستقبل، اعتمدت دار Maison Valentino على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل في تصميم وإخراج حملتها الرجالية “Essentials”، تحت إشراف المدير الإبداعي Pierpaolo Piccioli. وقدّم من خلالها رؤية تجمع بين الأناقة الكلاسيكية والابتكار التقني، في توليفة تُجسّد التقاء الفن بالخوارزميات.

Valentino: أناقة رجالية بتوقيع الذكاء الاصطناع

Zegna: تجربة مخصصة على مقاس العميل

قدّمت Zegna أداة “X Configurator”، التي تتيح للعملاء تصميم قطعهم باختيار الألوان والخامات التي تناسبهم. أُطلقت الخدمة في ميلانو مع نية التوسّع عالميًا، مؤكدة أن التخصيص الذكي هو مستقبل التسوق الراقي.

شاهد أيضاً:Chanel تطلق منصة Nevold لإعادة تدوير المواد الفاخرة على نطاق صناعي

هل المستقبل للموضة المحلّقة؟

ربما لم يعد السؤال “هل؟” بل “متى وأين وكيف؟”. فمع التقدم المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيّرة، والتصميم الثلاثي الأبعاد، أصبح من الواضح أن الموضة تتجه فعليًا نحو فضاءات جديدة، تتجاوز فيها القماش والخياطة إلى التجربة الحسية الكاملة.

العروض التي رأيناها في السماء ليست سوى لمحة أولى من مشهد طويل قادم، حيث تتحول الموضة إلى عالم تفاعلي نعيشه كما نرتديه، ونشعر به كما نراه. وما نشهده اليوم من ابتكارات في عالم الموضة، سواء كانت افتراضات مستقبلية أو خطوات بدأ تنفيذها بالفعل من قِبل كبريات الدور العالمية، يفتح أمامنا آفاقًا جديدة لعصر يتجاوز المألوف ويعيد رسم العلاقة بين التقنية والجمال.

وإذا كان الماضي قد علّمنا كيف نصنع الموضة، فإن المستقبل سيعلّمنا كيف نعيشها.